الاثنين، يناير 18، 2016

كيف نكتب ؟؟؟!! بقلم ناجى السنباطى

كيف نكتب ؟؟؟!! بقلم ناجى السنباطى
************************
*الكتابة قبل كل شىء عملية إبداعية ولكنها تحتاج إلى الصقل بالممارسة والدراسة وقبل كل ذلك بالقراءة المستمرة فى كل المجالات وبدراسة كل تجارب الكتاب السابقين والمعاصرين ومن كافة الأجيال ثم تهضم كل هذا وتكتب مايعن لك أنت وقد شبهها على ماأتذكر بعض الكتاب بأنها المواد الخام التى تدخل مصنعك لتنتج لنا منتجات تختلف تماما عن المواد الأولية (الخام ) وشبهها البعض الآخر بأن المواد الأولية هى بمثابة مواد غذائية تدخل الجسم البشرى ويقوم عليها بعمليات مختلفة لتتحول فى نهاية الأمر إلى دم يغذى كل أنحاء الجسم والدم المنتج يختلف تماما عن المواد الغذائية التى قام عليها الجسم بعمليات مختلفة لتصير دما وحتى الدم الناتج له انواع مختلفة تسمى فصائل الدم.
والكتابة تنقسم إلى العديد من الأنواع فهناك الكتابة الأدبية والكتابة الصحفية والكتابة العلمية ويندرج تحت كل نوع العديد من الأنواع.. فتحت بند الكتابة الأدبية ترى المقال وترى القصة وترى الرواية وترى المسرحية وترى الشعر وترى الخاطرة وتحت بند الكتابة العلمية ترى الكتابة الطبية وترى الكتابة المحاسبية وغير ذلك من الأمور وتحت بند الكتابة الصحفية ترى الخبر وترى المقال وترىالتحقيق الصحفى وترى الحديث الصحفى وترى الموضوعات الصحفية المتخصصة.
وفى التاريخ الحديث يقول لك قائل إكتب فى موضوع محدد(التخصص) وهو شىء جيد وأقول لهم إكتب فى أى موضوع ولكن إدرسه دراسة كاملة قبل أن تلج فيه وعندما تتمكن منه و تسيطر على أدواته إكتب فيه.. فالذات الإبداعية فى الإنسان واحدة ولكنها لاتشغل لدى الجميع بنفس القدر فنجد من يقصرها على فرع معين ويكتفى بينما يمكن أن تغطى كل فروع الإبداع الذهنى والعملى..فقد ترى إنسانا جراحا ماهرا وهو لاعب كرة ماهر أيضا سواء أكانت قدم او سلة او يد أو يكون سباحا ماهرا وهكذا فى فروع الحياة المختلفة ترى الكثير من المبدعين الذين يمارسون أكثر من عمل أو حرفة بنفس الكفاءة ويطورون من أوضاغهم إما بالدراسة أو بالتدريب..
**وفى تاريخ العرب القدامى أمامنا أمثلة كثيرة كإبن سينا والخوارزمى وجابر بن حيان وغيرهم وبالطبع لو قام الإنسان بإستغلال طاقته الفكرية والبدنية بالكامل لأبدع فى أكثر من مجال ويزداد إنتاجه كما وكيفا بالدراسة فى المجال الذى يدخله والدراسة قد تكون دراسة أكاديمية وقد تكون دراسة ذاتية.
ويبدأ الإنسان تقليديا ثم عندما يتمكن من أدواته يبدع وقد يأتى بجديد أو يخرج عن المألوف وهنا تقوم قيامة التقليديين عليه ويهاجم بعنف لأنه خرج على ناموس التفكير التقليدى أو تلفظ أعماله وليس الخروج هو الذى يقسيه فقط وإنما أيضا عدم إنتمائه لتقسيمات المجتمع من جماعات أصحاب الأفكار المختلفة
** فقد جرى العرف المجتمعى على ان تكون ضمن فصيل من فصائل المجتمع وهنا تجد التشجيع والرعاية والحماية لإبداعك حتى تنمو ويكون لك وضعا فى هذا الفصيل أو ذاك فإذا تمردت على هذا ماوجدت غير الصد والهجران والعبث بوجودك وكينونتك وإبداعك... هكذا جرت الأمور ومازالت.
**..
*وإنظر إلى المجتمعات فى العالم أجمع ماخرج أحد على القاعدة إلا نبذ وإتهم بألف تهمة فإذا مرت السنوات الطوال..أعيد له حقه فى الوقت الذى لم يعد فى حاجة إليه أو لم يعد موجودا أصلا بل فى التقييم النهائى يكون هؤلاء من المفكرين ومن العلماء وهم أسباب تقدم المجتمعات.
ونعود إلى محرابنا فالعبد الفقير مارس و يمارس الصحافة والأدب والمحاسبة والمراجعة ممارسة فطرية ودراسية وتعليمية ويمارس الرياضة عمرا ومازال رغم قيد السن
وفى المجالات التى ذكرتها فقد قرأ عبر نصف قرن أو أكثر آلاف الكتب فى مجالات تخصصه الثلاث وفى غيرها ..فالقراءة زاد المبدع فى مراحل حياته.
**
**وتعالوا نرى كيف نطبق.. فمثلا لدى دراسات بحثية متعددة وفى مجالات مختلفة وكثرتها وتنوعها أننى قد أقوم بها بناء على طلب دارس لدرجة علمية او لموظف يريد الترقى أو لرجل سياسى حزبى أو غير ذلك من الأمور وعندما تتم تصبح منتجا من منتجاتى بعد أن أدت غرضها لمن طلبها منى وتم ذلك خلال العقود السابقة ومازلنا.
ومنها ماأقوم به لنفسى ففى مجال الأدب قد أكتب قصة قصيرة أو رواية أو مسرحية او شعر.. ففى القصة كما هو معروف أركز على فكرة واحدة تلح على ولاأحيد عنها وفى الرواية أترك المجال إلى مالانهاية فالرواية حياة ممتدة متنوعة وقد تنتقل من جيل إلى جيل والصراع فيها يعلو وينخفض ويظهر ويختفى طوال عمر الرواية الذى يتحدث عن فترة زمنية طويلة مقارنة بالقصة ويبدأ الموضوع بإطار عمل فرد أو أسرة تتبعه او تتبعها فى مشوار الحياة بصراعاتها وصعابها وبشرها وزمانها ومكانها وعندما تنتهى تجد عملا آخر غير الذى بدأت به .
** وفى الحقيقة أن الرواية عندى إنعكاس لأوضاع المجتمع السياسية والإقتصادية والإجتماعية وقد تمتد لأكثر من جيل وتسمى رواية أجيال كما يقول الكاتب الكبير نجيب محفوظ والرواية عندى لاتقتصر على الجانب الفنى فى البناء بل أزيدك من الشعر بيتا... بل تقوم أيضا على حيل فنية مثل إستخدام أسماء شخصيات الرواية فهى ليست موضوعة بطريقة عفوية فقط بل بطريقة عمدية فرواية كرواية سبع الليالى بجزئيها والمكتوب جزءها الأول عام 1984 وجزءها الثانى عام 1987 كل أسماء الشخصيات الواردة بها مشكلة من كل أسماء المشاهير والمشهورات فى المجتمع المصرى خلال فترة كتابة الرواية وذلك بدمج أسماء وإنفصال اسماء بل تم إستخدام الاسماء أيضا كجمل يتم اللعب با فى صلب الرواية.. وهو نوع من التكريم لشخصيات مصر ليس إلا... فكان من الممكن إستخدام أى أسماء للشخصيات الروائية كما أن كتابتى للرواية فيها عرض لبعض الأفكار العلمية التى تحل مشاكل مجتمعية وعالمية وأوردتها على ألسنة شخصيات الرواية ولاننسى أن فكرة الطيران والفضاء فى العالم الغربى جاءت من رواية لجون فيرن الفرنسى ونحن مازلنا نخشى السخرية من عرض أفكار جديدة فنلجأ إلى حيلة فنية بذكر ذلك على لسان بطل الرواية مباشرة أو أنه قرأها بصحيفة وقد فعلنا ذلك فى رواية سبع الليالى.. ونأتى إلى إضافة أخرى اننا وضعنا الكثير من الحيل الفنية داخل الرواية للتعبير عن الرأى والنقد السياسى والإقتصادى والإجتماعى ..مثل الحوارات والجلسات والمسرحيات داخل الرواية وغير ذلك من الأمور ولم يكن هذا سبيلنا فى الرواية بل فى كل القصص القصيرة وفى الشعر وفى المسرحيات وفى الاوبريت... نقولها بصراحة أننا إستخدمنا الإسقاط السياسى والنقد الإجتماعى للأنظمة فى جميع أعمالنا الأدبية- بل ادرجناها أيضا فى اعمالنا الصحفية والمحاسبية -... فالفن لدينا له دور إجتماعى وليس مجرد فن للفن أما فى المقالة فقد إعتمدنا أسلوب التحليل الصريح والواضح والموضوعى.. ولاأتجاوز الحقيقة أنه كانت هناك تنبؤات حدثت سواء فى مؤلفاتى المطبوعة والمنشورة ورقيا أو رقميا (الكترونيا) سواء فى الكويت او فى مصر
***********************************************
**نأتى إلى موضوع الجوائز ومن فاز ومن لم يفز وليس من فاز يعنى أنه الأفضل وليس من لم يفز يعنى انه الأسوء..إضافة إلى أن الجميع يعلم كيف تدار هذه الأمور.. على المستوى العالمى وعلى المستوى المحلى.. فمعروف عن جائزة نوبل أنها تقوم على أسباب سياسية فمصر على سبيل المثال كان بها العديد من الشخصيات تستحق جائزة نوبل مثل طه حسين والعقاد وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ولم يحظ بها أحد من الفطاحل سوى نجيب محفوظ وعقب تأييده لمعاهدة السلام.. وهو يستحقها حقا ولكن الأخرين كانوا يستحقونها أيضا ولهم فضل الريادة.. وعلى المستوى المحلى كانت جوائز المجلس الأعلى للثقافة تعطى لمن يرضى عنهم النظام كل فى زمنه ولم تعط لمعارض للنظام فى زمنه بل أن هناك من أعطوهم جائزة الدولة التشجيعية وقد تعدوا الستين لأنه لم يتح لهم فى شبابهم فى ظل نظام ما أن يحصلوا عليها ..كما تتدخل عوامل اخرى وهو الإنتماء لفكر معين أو إتجاه معين يكون متناغما مع فكر لجنة الفحص !!
***
**والشىء الأخير أن منح الجوائز وجهات نظر إذا لم تكن هناك العوامل السابقة.. مثل لاعبو الكرة تماما فهناك مدرب يقتنع بلاعب ويضعه أساسيا بشكل دائم مما يزيد الثقة من نفسه فيزداد تألقا وياتى مدرب آخر ويضعه على دكة الإحتياطى فيصيب اللاعب الصدأ مثلما يصيب الحديد واللاعب هو اللاعب ولكن المدرب هو الذى تغير.!!..
** ولو طبقنا ذلك على مسرحيتى آدم وحواء والشيطان المكتوبة والمنشورة ورقيا عام 1980 (منذ 35 سنة ولكنها مازالت فعالة لأنها تحكى عن الصراع بين الخير والشر وهذا صراع مستمر مدى الحياة )... فقد أعجبت ثلاثة من أساتذة المعهد العالى للفنون المسرحية بالكويت الفنان سعد اردش وهو مصرى الجنسية والفنان احمد عبد الحليم وهو مصرى الجنسية والفنان التونسى المخرج المسرحى المنصف السويسى وقال لى الفنان أحمد عبدالحليم فى حينه نص جيد وفيه ملامح إخراجية ولم تعجب اللجنة المحترمة
** وفى روايتى سبع الليالى أرسل لى الكاتب الصحفى الكبير مصطفى أمين خطابا فى حينه (( وكنت قد سلمت الرواية لمدير مكتبه الاستاذ كرم بالدور التاسع بمبنى الاخبار القديم وسألنى هل تحب أن تدخل إليه فقلت له يكفى أن عملى يصل إليه)).. والخطاب الذى وصلنى منه يقول عن الرواية (ان لديك القدرة الفائقة على دمج العرض التاريخى فى العمل الدرامى) ---------وللأسف ضاع منى هذا الخطاب أثناء تصويره فى مكتبة محمد شتية بالسرو منذ سنوات---------- ولكنه موجود فى ارشيف مكاتبات أستاذنا مصطفى أمين إما بمؤسسة اخبار اليوم او لدى مدير مكتبه الأستاذ كرم او لدى إبنته السيدة الفاضلة الكاتبة الصحفية باخبار اليوم صفية مصطفى أمين.. ومع ذلك رفضت اللجنة الأخرى الرواية
**
**.. ولكن العجيب أن من مدح مؤلفاتى هم القامات العالية كل فى زمانه وأما من رفضها.. كانواصغارا عندما كانت القامات كبارا.. كانوا صغارا فى السن!! ولايعيبهم نقص الخبرة أو أشياء فى النفوس لايفصحون عنها !!
**وفى نهاية الأمر الحياة مستمرة فلن تزيد الجوائز من حرفية الكاتب ولن تقلل منها إن لم يحصل عليها ... ولن يزيدنا مال الجائزة حسنا وأبهة ولن يقلل منا فقدانه ..!! فقد سبق أن رفضنا المغريات المادية والإجتماعية فى الداخل وفى الخارج ولكن يصعب على الإنسان غياب الضمير والقسوة فى غير محلها والتلذذ بتعذيب الآخرين ولو كان التعذيب معنويا!!

ليست هناك تعليقات:

أرشيف المدونة الإلكترونية